الماء: هل سمعت أيتها النار عن المثل القائل (مهما سخن الماء فإنه يطفئالنار)؟
النار: نعم سمعت به.. لكن هل تظن أن هذا المثل المغمور يعطيك مكانةأكبر من مكانتي؟ أو يجعل لك قوة تفوق قوتي؟ أنت إذن تحلم.
- لماذا لا يكونالأمر كذلك حقا؟
- لأن النار إذا عظم أوارها واشتد لهيبها لا يطفؤها كل ماءالدنيا.
- اسمحي لخبرتي أن تعارضك فيما زعمت. فإن لكل نار ماءيطفؤها.
- فمطفئ نار الغضب!
- ماء الوضوء.
- ومطفئ نارالهوى!
- ماء الوصل.
- ومطفئ نار الحسد!
- ماءالحمد.
- ومطفئ نار الفراق!
- ماء الصبر.
- ومطفئ نارالشوق!
- ماء الأمل.
- ومطفئ نار الوجع!
- ماءالشجاعة.
- ومطفئ نار الفتنة.!
- ماء الإيمان.
- كلا يا صاح.. النيران التي ذكرت لا يطفؤها ماء لأن لهيبها يزداد كل ساعة وكل حين.
- النارموت والماء حياة، وليس في الدنيا حي يكره الحياة ويحب الموت.
- الموت أكبرمن الحياة.
- بل الحياة أكبر، وأرجى، وأبقى.
- كيف؟
- الحياةأكبر لأنها مستمرة مهما كبر الموت وتضخم. والحياة أرجى لأن كل حي يرجو أن يعودللحياة حتى بعد الموت. والحياة أبقى لأن نهاية العالم بعث وبقاء فلا موت في الجنةأو السعير.
- صدقت. لكن نار الخوف من الموت تستعر داخل كل حي لحظةبلحظة.
- وماء الرجاء يطفؤها.
- أ تعرف الفرق بيني وبينك؟
- نعم، لولا وجودك لما كان لي معنى ولا مكان.
- صدقت. ولولا وجودك لما كان لينضال.
- نضالك من أجل بقائك، ونضالي من أجل بقاء غيري.
- لذلك أخسرحين تكون أنت خصمي.
- ومتى تكسبين جولات المعارك؟
- حين أجد الحنينإلي أكبر من الهرب مني.
- وهل يحن إليك أحد؟
نعم، فبرد الانتظارتدفئه نار الحدث، وبرد الحديث تذكيه نار الجدل، وبرد الود تسعره نار الشوق